ماهو الطعام الذي يساعد على النوم؟

ماهو الطعام الذي يساعد على النوم؟ سواء كانت تلك الرعشة التي تشعر بها بعد تناول فنجان من القهوة أو الخمول الذي يتبع العشاء، فإن معظم الأشخاص قد اختبروا تأثير الطعام والمشروبات على مستويات الطاقة واليقظة.

قام الباحثون، بما في ذلك خبراء التغذية والنوم، بإجراء العديد من الدراسات في محاولة لتحديد أفضل الأطعمة التي تدعم النوم الجيد. ورغم أن هذه الدراسات تقدم معلومات قيمة، إلا أن نتائجها ليست نهائية.

العلاقة بين النظام الغذائي والنوم معقدة للغاية، لذا لا يوجد طعام واحد يمكن أن يضمن نومًا عميقًا. ومع ذلك، هناك بعض الأطعمة والمشروبات التي قد تساهم في تحسين جودة النوم.

لماذا يمكن لبعض الطعام أن يؤثر على النوم؟

تشير الأبحاث إلى أن بعض الطعام الذي يساعد على النوم أو تحسين جودة النوم. في بعض الحالات، يعود ذلك إلى نتائج دراسات معينة، وفي حالات أخرى، يرتبط بالمكونات الغذائية الأساسية الموجودة في تلك الأطعمة والمشروبات.

ومع ذلك، تنوع الأصناف الغذائية يجعل تركيبتها الغذائية غير ثابتة. على سبيل المثال، يحتوي بعض أنواع العنب الأحمر على مستويات مرتفعة من الميلاتونين، في حين أن أنواعًا أخرى لا تحتوي على نسبة تذكر منه. ويمكن أن تؤثر عوامل مثل المناخ وظروف الزراعة على العناصر الغذائية الموجودة في أي منتج غذائي.

لا تقتصر تأثيرات الطعام على الطاقة والنعاس فقط؛ إذ يلعب دورًا حاسمًا في عدة جوانب أخرى مثل التحكم في الوزن، صحة القلب والأوعية الدموية، ومستويات السكر في الدم. لهذا السبب، من الضروري استشارة طبيب أو أخصائي تغذية قبل إجراء تغييرات جذرية على نظامك الغذائي، لضمان أن تلك التغييرات تدعم ليس فقط نومك بل صحتك العامة أيضًا. وفي كثير من الأحيان، يساعد النظام الغذائي المتوازن على تحقيق نوم أفضل ودعم الصحة بشكل شامل.

الأسماك الدهنية

أظهرت إحدى الدراسات أن تناول الأسماك الدهنية قد يكون الطعام الذي يساعد على النوم . إذ وجدت هذه الدراسة التي استمرت عدة أشهر أن الأشخاص الذين أضافوا سمك السلمون إلى وجباتهم ثلاث مرات في الأسبوع، حققوا نمط نوم أفضل، بالإضافة إلى زيادة في مستوى الأداء واليقظة خلال اليوم.

يرى الباحثون أن الأسماك الدهنية قد تسهم في تحسين النوم من خلال تزويد الجسم بجرعة وفيرة من فيتامين د وأحماض أوميجا 3 الدهنية. تلعب هذه العناصر دورًا مهمًا في تنظيم إفراز السيروتونين، وهو ناقل عصبي يساعد على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ. وركزت الدراسة بشكل خاص على تأثير تناول الأسماك خلال فصل الشتاء، حيث يقل ضوء الشمس وتنخفض مستويات فيتامين د في الجسم، مما يعزز من أهمية تناول الأسماك الدهنية في تلك الفترة لتحسين النوم.

المكسرات

تعد المكسرات مثل اللوز والجوز والفستق والكاجو من الأطعمة التي يُشار إليها غالبًا بأنها مفيدة لتحسين جودة النوم. فبالرغم من اختلاف كميات العناصر الغذائية بين أنواع المكسرات، إلا أنها جميعًا تحتوي على مواد طبيعية مثل الميلاتونين، الذي ينظم دورة النوم والاستيقاظ، بالإضافة إلى الأوميجا 3 المعروف بدعمه لوظائف الدماغ. كما تحتوي المكسرات على معادن مهمة مثل المغنيسيوم والزنك، اللذين يسهمان في استرخاء العضلات وتهدئة الأعصاب، مما يسهل النوم.

وفي إحدى التجارب السريرية التي تم فيها استخدام المكملات الغذائية، أظهرت النتائج أن مزيجًا من الميلاتونين والمغنيسيوم والزنك أدى إلى تحسن ملحوظ في نوم كبار السن الذين يعانون من الأرق، حيث ساعدهم على النوم لفترات أطول وبجودة أفضل، مما يعزز من أهمية هذه العناصر لصحة النوم.

الكيوي

الكيوي، المعروف بفاكهة صغيرة بيضاوية الشكل، يُعد من الفواكه المرتبطة عادةً بنيوزيلندا، إلا أنه يُزرع في العديد من دول العالم. تتنوع أصناف الكيوي بين الأخضر والذهبي، مع أن الكيوي الأخضر هو الأكثر شيوعًا وإنتاجًا.

تتميز هذه الفاكهة بمحتواها الغني من الفيتامينات والمعادن، وأبرزها فيتامين C الذي يعزز المناعة، وفيتامين E المعروف بفوائده المضادة للأكسدة، بالإضافة إلى احتوائها على البوتاسيوم وحمض الفوليك الذي يدعم صحة الخلايا.

الأبحاث تشير إلى أن تناول الكيوي قد يكون من انواع الطعام الذي يساعد على النوم . ففي إحدى الدراسات، وُجد أن الأشخاص الذين تناولوا حبتين من الكيوي قبل ساعة من موعد النوم، لاحظوا أنهم يخلدون للنوم بسرعة أكبر، وينامون لفترات أطول، وكانت نوعية نومهم أفضل مقارنة بمن لم يتناولوا الكيوي.

رغم أن الآلية الدقيقة التي تجعل الكيوي مفيدًا للنوم غير مفهومة تمامًا، إلا أن الباحثين يعتقدون أن ذلك قد يعود لخصائصه المضادة للأكسدة التي تعمل على تقليل الالتهابات في الجسم، أو قدرته على تحسين مستويات حمض الفوليك، وأيضًا تركيزه العالي من السيروتونين، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا مهمًا في تنظيم النوم والمزاج.

حليب الشعير

يُعد حليب الشعير مزيجًا من الحليب ومسحوق خاص يحتوي على مكونات أساسية مثل دقيق القمح، الشعير، الشعير الشعيري، مع إضافة السكر ومجموعة متنوعة من الفيتامينات. ويشتهر هذا النوع من الحليب تحت اسم “Horlick’s”، وهو علامة تجارية معروفة لحليب الشعير المجفف.

أظهرت بعض الدراسات القديمة أن تناول حليب الشعير قبل النوم قد يساهم في تقليل اضطرابات النوم. وبينما لا تزال الأسباب وراء هذه الفوائد غير واضحة تمامًا، يُعتقد أن الفيتامينات والمعادن الموجودة في حليب الشعير، مثل فيتامينات B وD والفوسفور والزنك والمغنيسيوم، قد تساعد في تهدئة الجسم وتهيئته للاسترخاء.

علاوة على ذلك، يحتوي الحليب بشكل طبيعي على هرمون الميلاتونين، الذي يعزز الشعور بالنعاس. ومن الجدير بالذكر أن بعض منتجات الحليب تكون غنية بالميلاتونين بشكل خاص، وخاصة الحليب الذي ياتي من حلب الأبقار خلال الليل. هذا النوع من الحليب يحتوي على مستويات أعلى من الميلاتونين، مما يجعله مصدرًا طبيعيًا لدعم النوم وتعزيز الراحة الليلية بشكل أفضل.

يمكن أن يشكل حليب الشعير خيارًا مثاليًا لمن يبحثون عن وسيلة طبيعية للاسترخاء والنوم بعمق، إذ يجمع بين فوائد المكونات الغذائية الغنية وعمل الميلاتونين الطبيعي.

الكرز الحامض

الكرز الحامض، كما يوحي اسمه، يتميز بنكهة لاذعة تختلف تمامًا عن طعم الكرز الحلو. يُعرف أيضًا باسم “الكرز اللاذع”، ويشمل عدة أنواع مثل “ريتشموند” و”مونت مورنسي” و”موريلو الإنجليزي”. يمكن العثور على هذا النوع من الكرز في شكله الكامل أو على هيئة عصير الكرز الحامض.

أظهرت العديد من الدراسات أن عصير الكرز الحامض قد يساعد في تحسين النوم. ففي دراسة أجريت على أشخاص يعانون من الأرق، تبين أن شرب كوبين من عصير الكرز الحامض يوميًا أدى إلى زيادة في إجمالي مدة النوم وتحسين كفاءة النوم بشكل عام.

السبب وراء هذه الفوائد يعود إلى أن الكرز الحامض يحتوي على نسبة مرتفعة من الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ. كما يُعتقد أن الكرز الحامض يمتلك خصائص مضادة للأكسدة تساهم في تعزيز النوم الصحي.

الارز

ظهرت الدراسات المتعلقة بتأثير الكربوهيدرات على النوم نتائج متباينة، لكن بعض الأدلة تشير إلى أن استهلاك الأرز قد يكون له دور إيجابي في تحسين جودة النوم.

في دراسة أجريت على بالغين في اليابان، لوحظ أن الأشخاص الذين يتناولون الأرز بانتظام أفادوا بنوم أفضل مقارنةً بأولئك الذين يعتمدون أكثر على الخبز أو المعكرونة في نظامهم الغذائي. وعلى الرغم من أن الدراسة أظهرت علاقة بين استهلاك الأرز وتحسين النوم، إلا أنها لم تثبت السببية بشكل مباشر. ومع ذلك، تدعم هذه النتائج أبحاثًا سابقة تشير إلى أن تناول الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع، مثل الأرز، قبل حوالي أربع ساعات من النوم قد يساعد في تعزيز النوم.

في المقابل، ارتبط تناول المشروبات السكرية والحلويات بتدهور جودة النوم، مما يشير إلى أن جميع الكربوهيدرات ليست متساوية في تأثيرها على النوم. لذا، لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لفهم التأثيرات المختلفة للكربوهيدرات على النوم بشكل أكثر وضوحًا.

من ناحية أخرى، قد يتأثر تأثير الكربوهيدرات على النوم بما يتم تناوله معها. فعلى سبيل المثال، قد يكون الجمع بين كمية معتدلة من البروتين الغني بالتربتوفان، وهو حمض أميني يساعد على النوم، وبين الكربوهيدرات، عاملًا مساعدًا في تحسين النوم. يعمل هذا المزيج على تعزيز وصول التربتوفان إلى الدماغ، مما يسهم في تحسين القدرة على الاسترخاء والنوم العميق.

النظام الغذائي والنوم: الصورة الشاملة

مع معاناة ما يصل إلى 35% من البالغين الأمريكيين من أعراض الأرق، تتزايد الرغبة في استخدام الطعام والشراب كوسيلة للحصول على نوم أفضل. إلا أن النوم هو عملية معقدة تتأثر بعوامل متعددة، تشمل الصحة النفسية، والتعرض للضوء، ومستويات النشاط خلال النهار، بالإضافة إلى حالات صحية جسدية.

بدلاً من الانشغال بطعام أو مشروب معين لتحسين النوم، يُفضل التركيز على أنماط النظام الغذائي الصحي طوال اليوم. يعتبر هذا النهج أكثر فعالية لتسهيل الحصول على نوم هانئ.

يوصي خبراء التغذية باتباع نظام غذائي متوازن يركز على الخضروات والفواكه. عندما يكون هذا النظام مصممًا بشكل جيد، فإنه يوفر مصادر ثابتة للفيتامينات والمعادن الأساسية التي تساهم في تعزيز جودة النوم. على سبيل المثال، يرتبط النظام الغذائي المتوسطي بتحسين صحة القلب والنوم الأفضل.

نصائح عامة لتفادي اضطرابات النوم

تتوافق العديد من مبادئ النظام الغذائي المتوازن مع النصائح العامة لتفادي اضطرابات النوم المرتبطة بالطعام:

• تقليل تناول الكافيين: يُفضل الحد من استهلاك الكافيين، خاصةً في فترة ما بعد الظهر أو المساء، حيث يمكن أن تبقيك تأثيراته المنبهة مستيقظًا لوقت متأخر.
• تناول الكحول باعتدال: يجب تجنب تناول الكحول قبل النوم بأربع ساعات، رغم أنه قد يبدو مسببًا للنعاس، إلا أنه يمكن أن يؤثر سلبًا على دورات النوم.
• تجنب الوجبات المتأخرة: حاول تجنب تناول الطعام في وقت متأخر، خاصة الأطعمة الدهنية أو الحارة، لتفادي مشاكل الهضم والارتجاع الحمضي.

أهمية نظافة النوم

تلعب بيئة النوم اليومية، المعروفة باسم “نظافة النوم”، دورًا حاسمًا في قدرتك على الاسترخاء والنوم الجيد. يتطلب الحصول على بيئة نوم صحية اختيار المرتبة والوسائد والملاءات المناسبة، بالإضافة إلى تنظيم الغرفة بشكل يعزز من الراحة.

رغم أن بعض الأطعمة قد تدعم النوم، فإن فعاليتها تتضاءل في حال كانت نظافة النوم غير كافية. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر الضوضاء أو الإضاءة الساطعة أو استخدام الأجهزة الإلكترونية في السرير سلبًا على إنتاج الميلاتونين في الجسم، مما يحد من فوائد الأطعمة التي تعزز النوم.

تُعد مراجعة عادات نظافة النوم نقطة انطلاق أساسية نحو تحسين جودة نومك. فبمراقبة تفاصيل حياتك اليومية والروتين المسائي، يمكنك دمج الطعام الذي يساعد على النوم في نظامك بشكل فعّال. من خلال هذه الخطة المتكاملة، تصبح قادرًا على تحقيق نوم أكثر انتظامًا وانتعاشًا، ما يضمن لك راحة متواصلة طوال الليل ويجدد طاقتك لليوم التالي. تكمن الفكرة في تحويل هذه الخطوات إلى نمط حياة، بحيث يصبح النوم المريح نتيجة طبيعية لروتين صحي وشامل.