المحتوى
عندما نفكر في تحقيق النوم الذي نحتاجه، قد يظل التركيز منصبًّا على عدد الساعات التي نقضيها في النوم. لكن، على الرغم من أهمية مدة النوم، فهي ليست كل ما نحتاج للتركيز عليه.
من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار جودة النوم كذلك، وأن نسأل أنفسنا إذا كان الوقت الذي نخصصه للنوم يحقق فعلاً الاستفادة المرجوة. التقدم بسلاسة عبر مراحل دورة النوم الأربع يشكل عنصرًا أساسيًا في ضمان الحصول على راحة عالية الجودة.
تلعب كل مرحلة من هذه المراحل دورًا فريدًا في منح العقل والجسم الانتعاش الذي يحتاجانه. وفهم دورة النوم يساعد في تفسير كيفية تأثير بعض اضطرابات النوم، مثل الأرق وانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، على جودة النوم والصحة العامة.
ماهي دورة النوم؟

مراحل النوم هي عملية متكررة ومعقدة تحدث خلال الليل، وتتكون من أربع مراحل رئيسية: N1، N2، N3، وREM. يمكن تصورها على أنها سلسلة من الجولات أو الدورات التي تمر بها أثناء النوم، وكل دورة تشمل هذه المراحل الأربع.
طوال الليل، يمر الجسم بأربع إلى ست دورات نوم، تستمر كل منها حوالي 90 دقيقة. لا تكون كل دورة بنفس الطول، ولكن هذه المتوسطات تساعد في ضمان أن كل مرحلة تحصل على وقت كافٍ لتؤدي وظيفتها بشكل فعال. هذا التكرار بين المراحل يساهم في تحقيق نوم عميق ومريح، ويعد ضروريًا لصحة عقلية وجسدية جيدة.
ما هي مراحل النوم في دورة النوم الطبيعية؟
تتألف دورة النوم الطبيعية من أربع مراحل رئيسية، منها مرحلة واحدة تُعرف بحركة العين السريعة (REM) وثلاث مراحل تشكل النوم غير السريع (NREM). يتم تحديد هذه المراحل بناءً على أنماط نشاط الدماغ التي تم رصدها أثناء النوم، حيث تظهر كل مرحلة بنمط فريد يميزها عن غيرها.
جدول يوضح مراحل دورة النوم الطبيعية
مراحل النوم | نوع النوم | أسماء أخرى | الطول الطبيعي |
---|---|---|---|
المرحلة 1 | غير حركة العين السريعة (NREM) | N1 | 1-7 دقائق |
المرحلة 2 | غير حركة العين السريعة (NREM) | N2 | 10-25 دقيقة |
المرحلة 3 | غير حركة العين السريعة (NREM) | N3، نوم الموجة البطيئة (SWS)، نوم دلتا، النوم العميق | 20-40 دقيقة |
المرحلة 4 | حركة العين السريعة (REM) | نوم حركة العين السريعة | 10-60 دقيقة |
شرح المراحل
- المرحلة الأولى (N1): تعتبر المرحلة الأولى من النوم بداية عملية الانتقال من اليقظة إلى النوم. تكون هذه المرحلة قصيرة، تستمر من 1 إلى 7 دقائق، ويكون فيها نشاط الدماغ محدودًا بينما يبدأ الجسم في الاسترخاء التدريجي.
- المرحلة الثانية (N2): تمثل هذه المرحلة دخول الجسم إلى نوم خفيف، حيث يتباطأ نشاط القلب والتنفس وتنخفض درجة حرارة الجسم. تستغرق هذه المرحلة من 10 إلى 25 دقيقة، وتعد جسرًا للانتقال إلى النوم الأعمق.
- المرحلة الثالثة (N3): تُعرف هذه المرحلة بالنوم العميق أو نوم الموجة البطيئة، وهي مرحلة مهمة لاستعادة الجسم لنشاطه وتجديد خلاياه. تستمر من 20 إلى 40 دقيقة، وتكون الحركة العينية فيها نادرة، والنوم فيها عميق جدًا.
- المرحلة الرابعة (REM): في هذه المرحلة، يبدأ نشاط الدماغ في الزيادة بشكل ملحوظ وتكون حركة العين سريعة، وتحدث فيها الأحلام بوضوح. تستغرق من 10 إلى 60 دقيقة، وتلعب دورًا هامًا في تحسين الذاكرة وتجديد النشاط العقلي.
بنية النوم
يتم تنظيم نوم الشخص على شكل دورات ومراحل متنوعة، وهذا ما يُعرف ببنية النوم. عندما يخضع الشخص لدراسة النوم، يمكن تمثيل بنية نومه بصريًا من خلال رسم بياني يسمى “مخطط التنويم المغناطيسي”، الذي يظهر كيف يتنقل الشخص بين مراحل النوم المختلفة خلال الليل.
هذا التوزيع بين المراحل والدورات يساهم في تحقيق نوم متكامل ومنعش يضمن الاستيقاظ بحيوية ونشاط.
هل دورات النوم متشابهة ام مختلفة من شخص لآخر؟
من الطبيعي أن تختلف دورات النوم أثناء الليل، فليست جميع الدورات متشابهة في المدة أو التركيب. عادةً، تكون الدورة الأولى في بداية النوم هي الأقصر، حيث تتراوح مدتها بين 70 و100 دقيقة، بينما تميل الدورات اللاحقة إلى أن تكون أطول، إذ تستمر بين 90 و120 دقيقة. إضافةً إلى ذلك، يتغير تكوين كل دورة من حيث الوقت المستغرق في كل مرحلة من مراحل النوم مع تقدم الليل.
عوامل متعددة تؤثر على تباين دورات النوم بين الأفراد وبين الليالي المختلفة، مثل العمر، والتاريخ الشخصي للنوم، واستهلاك المواد مثل الكحول. فعلى سبيل المثال، يميل كبار السن إلى قضاء وقت أقل في النوم العميق مقارنةً بالشباب، كما أن من يعانون من قلة النوم لفترة طويلة قد يعوضون النوم العميق في بداية الليل.
ببساطة، دورات النوم ديناميكية تتكيف مع الحالة الفيزيولوجية والنفسية للشخص، مما يجعلها تختلف في المدة والتركيب بناءً على العديد من العوامل الشخصية والخارجية.
أنماط النوم غير سريعة الحركة: مراحل النوم ووظائفها
نوم حركة العين غير السريعة (NREM) يتكون من ثلاث مراحل متميزة، وكلما ارتفع الشخص في مراحل هذا النوع من النوم، يصبح من الأصعب إيقاظه.

المرحلة الأولى (N1)
تُعرف أيضًا باسم N1، وهي المرحلة التي يبدأ فيها الشخص بالانجراف نحو النوم. تستمر هذه المرحلة عادةً من دقيقة إلى سبع دقائق. خلال هذه الفترة، يبدأ نشاط الجسم والدماغ في التباطؤ، مع حدوث حركات قصيرة ومحدودة. على الرغم من هذا التباطؤ، يبقى الجسم في حالة استرخاء جزئي، مما يجعل من السهل إيقاظ الشخص في هذه المرحلة. ومع ذلك، إذا لم يُوقظ الشخص، فإنه ينتقل بسرعة إلى المرحلة الثانية من النوم. ومع استمرار النوم، يقل الوقت الذي يقضيه الشخص في المرحلة الأولى.
المرحلة الثانية (N2)
في المرحلة الثانية أو N2، يدخل الجسم في حالة استرخاء أعمق، حيث تنخفض درجة الحرارة، وتتباطأ معدل ضربات القلب والتنفس، وتسترخي العضلات بشكل أكبر. خلال هذه المرحلة، يبدأ الدماغ في إظهار نمط جديد من النشاط الكهربائي يتسم بتباطؤ عام مع فترات قصيرة من النشاط المكثف، الذي يساعد في مقاومة الاستيقاظ بسبب المحفزات الخارجية. تتوقف حركة العين، ويستمر الشخص في الاسترخاء.
تستمر المرحلة الثانية من 10 إلى 25 دقيقة في الدورة الأولى من النوم، وقد تصبح أطول مع تقدم الليل. عادة، يقضي الشخص حوالي نصف وقت نومه في هذه المرحلة، حيث تزداد فترات N2 تدريجيًا.
المرحلة الثالثة (N3)
تُعرف المرحلة الثالثة أيضًا باسم N3 أو النوم العميق، وتُعد من أصعب المراحل لإيقاظ الشخص منها. في هذه المرحلة، يتباطأ نبض القلب والتنفس، وتسترخي العضلات بشكل كبير. يظهر نشاط الدماغ نمطًا محددًا يُعرف بموجات دلتا، ولذلك يُطلق على هذه المرحلة أيضًا “نوم دلتا” أو “نوم الموجة البطيئة (SWS)”.
تعتبر المرحلة الثالثة حيوية للنوم التعويضي، حيث تسهم في تعافي الجسم ونموه، وتعزز من قوة الجهاز المناعي، وتدعم العمليات الحيوية الأساسية. ورغم انخفاض النشاط الدماغي في هذه المرحلة، إلا أن هناك أدلة تشير إلى أن النوم العميق يلعب دورًا مهمًا في تعزيز التفكير الإبداعي والذاكرة.
يحدث معظم النوم العميق خلال النصف الأول من الليل، حيث تستمر مراحل N3 عادةً من 20 إلى 40 دقيقة في الدورات الأولى من النوم. مع استمرار الليل، تصبح مراحل النوم العميق أقصر تدريجيًا، ويقضي الشخص وقتًا أطول في نوم حركة العين السريعة (REM).
أنماط نوم حركة العين السريعة: فهم هذه المرحلة الفريدة
أثناء مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، يرتفع نشاط الدماغ إلى مستويات مشابهة لتلك التي تحدث أثناء اليقظة. في نفس الوقت، يصبح الجسم في حالة ارتخاء تام، مما يؤدي إلى شلل مؤقت للعضلات باستثناء العينين والعضلات المسؤولة عن التنفس. على الرغم من أن العينين تكونان مغلقتين، إلا أنه يمكن ملاحظة حركتهما السريعة تحت الجفون، وهو ما أعطى هذه المرحلة اسمها.
يُعتبر نوم حركة العين السريعة مهمًا للوظائف الإدراكية مثل الذاكرة، والتعلم، والإبداع. وخلال هذه المرحلة، تكون الأحلام أكثر وضوحًا وحيوية بسبب النشاط العالي للدماغ. وبينما يمكن للأحلام أن تحدث في أي مرحلة من مراحل النوم، إلا أنها تكون أقل كثافة وتفصيلاً في فترات النوم غير السريع (NREM).
تبدأ مرحلة نوم حركة العين السريعة عادة بعد حوالي 90 دقيقة من الدخول في النوم، وتزداد مدتها تدريجيًا مع تقدم الليل، وخاصة في النصف الثاني منه. في بداية الليل، قد تستمر مرحلة نوم حركة العين السريعة لبضع دقائق فقط، لكن مع تقدم الليل، قد تصل إلى ساعة تقريبًا. وتشكل هذه المراحل حوالي 25% من إجمالي نوم الشخص البالغ.
لماذا تعتبر مراحل النوم حيوية لصحتنا؟
تكتسب مراحل النوم أهميتها من دورها الحيوي في تعافي الدماغ والجسم ونموهما. فعندما لا نحصل على كفايتنا من النوم العميق أو نوم حركة العين السريعة، فإن ذلك قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية كبيرة على التفكير، والحالة العاطفية، والصحة الجسدية.
الأشخاص الذين يستيقظون بشكل متكرر أثناء مراحل النوم المبكرة، مثل الذين يعانون من انقطاع النفس النومي، يجدون صعوبة في الوصول إلى مراحل النوم العميقة بشكل صحيح، مما يحرمهم من الفوائد الكاملة لهذه المراحل. وكذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من الأرق قد لا يحصلون على إجمالي الوقت اللازم لتحقيق التوازن المطلوب في كل مرحلة من مراحل النوم، مما يؤثر على قدرتهم على التعافي الجسدي والعقلي.
ببساطة، فإن كل مرحلة من مراحل النوم تؤدي وظيفة محددة لا غنى عنها؛ النوم العميق يعزز الانتعاش البدني وتجديد الخلايا، في حين أن نوم حركة العين السريعة يعزز الوظائف العقلية مثل الذاكرة والتعلم. لذلك، فإن توازن هذه المراحل يعد أساسًا لنوم صحي ومريح، ويؤثر مباشرة على أدائنا اليومي وحالتنا الصحية العامة.
كيفية تحقيق دورة نوم صحية: خطوات فعالة لتحسين جودة نومك
على الرغم من أنك قد لا تتحكم بشكل كامل في دورة نومك، يمكنك اتخاذ إجراءات محددة لتعزيز فرصك في الحصول على دورة نوم صحية وسلسة. إليك بعض الخطوات الفعالة لتحقيق ذلك:
- تحسين نظافة النوم: تعني نظافة النوم تحسين بيئة النوم الخاصة بك والعادات المرتبطة بها. لتحقيق ذلك، حافظ على جدول نوم ثابت قدر الإمكان، واحرص على التعرض لأشعة الشمس الطبيعية خلال النهار. تجنب تناول الكحول قبل النوم، وقم بتقليل الضوضاء والإضاءة في غرفة النوم. قد يكون لراحة سريرك ووسائدك وملاءاتك تأثير كبير على جودة نومك، لذا تأكد من أن هذه العناصر توفر لك أقصى درجات الراحة.
- تقييم مشكلات النوم: إذا كنت تعاني من النعاس المفرط خلال النهار أو تشك في وجود اضطراب نوم مثل انقطاع النفس النومي، من الضروري استشارة طبيب. قد يكون لديك حالة تحتاج إلى علاج أو تدخل متخصص. معالجة المشكلات الأساسية يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحسين جودة نومك، مما يتيح لك الحصول على دورات نوم أكمل وأكثر انتعاشًا.
باتباع هذه النصائح، يمكنك تحسين نوعية نومك وتعزيز توازن دورات النوم لديك، مما يساهم في تحسين نشاطك وحيويتك خلال اليوم.
العوامل المؤثرة على مراحل النوم: كيف تؤثر الحياة على دورة نومك؟
رغم وجود نمط نموذجي لمراحل النوم، إلا أن هناك تباينًا كبيرًا بين الأفراد بناءً على مجموعة متنوعة من العوامل. تعرف على كيف تؤثر هذه العوامل على دورة نومك:
- العمر: يتغير نمط النوم بشكل ملحوظ مع التقدم في العمر. الأطفال حديثو الولادة يقضون وقتًا أطول في مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM) وقد يدخلونها مباشرةً بعد أن يناموا. بمرور الوقت، يتغير نمط نومهم ليصبح مشابهًا لنوم البالغين. في المقابل، يميل كبار السن إلى قضاء وقت أقل في نوم حركة العين السريعة ويشهدون تغييرات في توزيع مراحل النوم.
- أنماط النوم الحديثة: يمكن أن تؤدي الأنماط غير المنتظمة أو غير الكافية للنوم إلى تغييرات في بنية النوم. النوم غير المنتظم على مدى أيام أو أكثر قد يتسبب في اضطراب الدورة الطبيعية للنوم، مما يؤثر على جودة النوم وانتعاش الجسم.
- الكحول: يؤثر الكحول بشكل كبير على بنية النوم. في البداية، قد يقلل الكحول من مدة نوم حركة العين السريعة، لكن مع تلاشي تأثيره، يمكن أن يحدث ارتداد في النوم، مما يطيل من فترات نوم حركة العين السريعة في وقت لاحق من الليل. يمكن لبعض العقاقير الأخرى أن تؤثر بشكل مماثل، مما يغير من كيفية الانتقال بين مراحل النوم.
- اضطرابات النوم: حالات مثل انقطاع النفس النومي أو متلازمة تململ الساقين (RLS) تؤدي إلى استيقاظ متكرر خلال الليل، مما يعوق دورة النوم السليمة. هذه الاضطرابات تؤثر على جودة النوم وتمنع الوصول الكامل إلى المراحل العميقة والمريحة من النوم.
كل هذه العوامل تلعب دورًا هامًا في تشكيل تجربة نومك، وفهمها يمكن أن يساعدك في تحسين جودة نومك وتعزيز صحتك العامة.
المراجع
- دراغو، ف.، فوستر، ب. س، هيلمان، ك. م، أريكو، د.، ويليامسون، ج.، مونتانا، ب.، وفيري، ر. (2011). النمط الدوري المتناوب في النوم وعلاقته بالإبداع. طب النوم، 12(4)، 361-366.https://linkinghub.elsevier.com/retrieve/pii/S1389945711000578
- كيرش، د. (2021، 8 نوفمبر). مراحل وبنية النوم الطبيعي. في AF Eichler (المحرر). UpToDate.، تم الاسترجاع في 6 ديسمبر 2022، منhttps://www.uptodate.com/contents/stages-and-architecture-of-normal-sleep