المحتوى
ماهو الصيام المتقطع؟
الصيام هو عادة قديمة تعود إلى عصور الإنسان البدائي، حين كانت الحياة تعتمد على الصيد وجمع الطعام، ولم تكن هناك متاجر أو وسائل لتخزين الطعام مثل الثلاجات. آنذاك، كان الصيام نتيجة طبيعية لقلة الموارد الغذائية وصعوبة الحصول على الطعام بشكل دائم.
تأقلم جسم الإنسان مع هذه الظروف القاسية، ليصبح قادرًا على العمل بكفاءة حتى في غياب الطعام لفترات طويلة. ومع تطور الحياة، أصبح الصيام ممارسة صحية تعود بفوائد عديدة على الجسم، مقارنة بالنمط الحديث لتناول ثلاث إلى أربع وجبات يوميًا دون انقطاع.
ويُعرف الصيام المتقطع كنمط غذائي يعتمد على التناوب بين فترات الصيام وتناول الطعام. ما يميز هذا النظام أنه لا يفرض قيودًا صارمة على نوعية الأطعمة التي يمكن تناولها خلال فترات الإفطار، مما يتيح حرية اختيار ما يناسبك. يُطبق عادة بصيام 16 ساعة يوميًا أو 24 ساعة مرتين أسبوعيًا، مما يجعله مرنًا وسهل التكيف مع أنماط الحياة المختلفة.
أنواع الصيام المتقطع
تتعدد أساليب الصيام المتقطع لتناسب مختلف الاحتياجات والأنماط الحياتية. فيما يلي أبرز الطرق الشائعة:
1. الصيام المتقطع 12/12
يُعتبر هذا الأسلوب مثاليًا للمبتدئين، حيث يعتمد على الصيام لمدة 12 ساعة يليها تناول الطعام خلال 12 ساعة.
ميزة هذا النظام تكمن في كونه بسيطًا وسهل التطبيق، حيث يمكن احتساب ساعات النوم ضمن فترة الصيام. على سبيل المثال، يبدأ الصيام من الساعة 7 مساءً وينتهي عند 7 صباحًا، مما يجعل الصيام مريحًا وغير مرهق.
2. الصيام 24 ساعة (تناول – توقف – تناول)
يتضمن الامتناع عن الطعام لمدة 24 ساعة كاملة، مثل الصيام من بعد وجبة العشاء وحتى العشاء في اليوم التالي.
يسمح بتناول المشروبات الخالية من السكر مثل الماء والشاي والقهوة خلال فترة الصيام. يمكن تطبيقه مرة أو مرتين أسبوعيًا لمنح الجسم استراحة من الطعام.
3. نظام 16/8
هذا الأسلوب من أكثر أنظمة الصيام المتقطع شيوعًا، حيث يقوم الشخص بالصيام لمدة 16 ساعة، مع تخصيص 8 ساعات لتناول الطعام.
يمكن تناول الطعام من الساعة 1 ظهرًا حتى الساعة 9 مساءً، ثم الامتناع عن الأكل حتى اليوم التالي. يناسب هذا النظام من يبحثون عن طريقة فعّالة ومتوسطة الشدة.

4. نظام 20/4 (حمية المحارب)
يُعرف هذا النظام أيضًا بأسلوب “المحارب”، ويقوم على تناول كميات صغيرة من الفاكهة والخضروات النيئة خلال النهار، مع وجبة رئيسية كبيرة في فترة 4 ساعات فقط.
يُعد هذا الأسلوب مكثفًا ويتطلب التعود التدريجي لمن يرغب بتجربته.
5. نظام 5:2
يعتمد هذا الأسلوب على تقليل السعرات الحرارية إلى 500-600 سعرة خلال يومين غير متتاليين في الأسبوع، مع تناول الطعام بشكل طبيعي في بقية الأيام.
يساعد هذا النظام على تحقيق التوازن بين الفائدة الصحية والمرونة في أيام تناول الطعام.
6. الصيام يوم بعد يوم
يُطبّق هذا الأسلوب بالتناوب بين يوم صيام كامل (تناول 500 سعرة حرارية أو الامتناع تمامًا عن الأكل) ويوم طبيعي لتناول الطعام.
يُفضل عدم اعتماد الصيام التام للمبتدئين، كونه يتطلب انضباطًا كبيرًا.
7. تفويت الوجبات
هذا الأسلوب مرن وغير منظم، حيث يعتمد على تخطي وجبة أو اثنتين خلال اليوم حسب الشعور بالشبع أو الانشغال، مع الحرص على تناول وجبات متوازنة وصحية في الأوقات المتاحة.
يناسب الأشخاص الذين يفضلون أسلوبًا غير مقيد ومرنًا.
فوائد الصيام المتقطع
أظهرت الأبحاث أن الصيام المتقطع يحقق فوائد عديدة للجسم والعقل، وقد أشارت بعض الدراسات إلى إمكانية تأثيره الإيجابي على زيادة متوسط العمر. فيما يلي أبرز الفوائد المرتبطة به:
- خسارة الوزن:
يساعد الصيام المتقطع على فقدان الوزن، خاصة في منطقة البطن، دون الحاجة إلى الامتناع عن تناول أنواع معينة من الطعام. - تعزيز صحة القلب:
يقلل الصيام مستويات الكوليسترول الضار، الدهون الثلاثية، وعوامل الالتهاب، بالإضافة إلى تحسين حساسية الإنسولين ومستويات السكر في الدم، مما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب. - زيادة متوسط العمر:
أظهرت الدراسات على الفئران أن الصيام المتقطع يزيد متوسط العمر بنسبة تتراوح بين 36% و83%. - الوقاية من السرطان:
التجارب التي أجريت على الحيوانات تشير إلى أن الصيام المتقطع قد يقلل من خطر الإصابة بالسرطان. - تحسين حساسية الإنسولين:
- يخفض الصيام مستويات السكر في الدم بنسبة تتراوح بين 3% و6%.
- يقلل مستويات الإنسولين في الدم بنسبة تصل إلى 20%-31%، مما يقلل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
- تقليل الالتهابات:
أشارت بعض الدراسات إلى انخفاض معدلات الالتهاب في الجسم أثناء الصيام، مما يعزز الوقاية من الأمراض المزمنة. - تعزيز صحة الدماغ:
الصيام يحفز إنتاج الهرمونات التي تعزز نمو الخلايا العصبية، مما يحمي الدماغ من الأمراض التنكسية مثل الزهايمر.
الفئات التي يُمنع عنها الصيام المتقطع
رغم الفوائد المتعددة للصيام المتقطع، إلا أن هناك بعض الفئات التي يجب أن تتجنب اتباع هذا النظام حفاظًا على صحتها. وتشمل هذه الفئات:
- الأطفال والمراهقون دون سن 18 عامًا:
أجسامهم ما زالت في مرحلة النمو، ويحتاجون إلى تغذية متوازنة على مدار اليوم لدعم تطورهم. - النساء الحوامل والمرضعات:
تتطلب هذه الفترة تزويد الجسم بالعناصر الغذائية الكافية لدعم صحة الأم والطفل، مما يجعل الصيام غير مناسب. - مرضى السكري ومن يعانون من مشاكل في تنظيم مستوى السكر في الدم:
يمكن أن يؤدي الصيام إلى انخفاضات أو تقلبات خطيرة في مستويات السكر لديهم. - الأشخاص الذين لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل:
قد يثير الصيام المتقطع مشكلات نفسية أو يعيد أنماط الأكل غير الصحية.
من الضروري ملاحظة أن تأثير الصيام المتقطع يختلف من شخص لآخر. إذا شعرت بأعراض غير معتادة مثل التعب الشديد، الصداع، الغثيان، أو أي علامات أخرى، فيُنصح بالتوقف عن الصيام فورًا واستشارة الطبيب لتقييم حالتك وضمان سلامتك.
ماهي طريقة الصيام المتقطع للتنحيف؟
تُعد طريقة الصيام المتقطع للتنحيف موضوعًا للجدل، حيث يراها البعض أسلوبًا صارمًا لفقدان الوزن، بسبب طبيعتها التي تتطلب الالتزام بالصيام اليومي.

يطلق البعض على هذه الطريقة اسم “حمية المحارب”، حيث تعتمد بشكل أساسي على تناول كميات محدودة جدًا من الطعام، وعادة ما تركز الوجبات على الخضروات والفواكه النيئة.
- مدة تناول الطعام: تقتصر مرحلة تناول الطعام في هذا النظام على 4 ساعات فقط يوميًا.
- الأطعمة الموصى بها: خلال فترة الإفطار، يُفضل تناول مزيج من الخضروات، البروتينات، الدهون الصحية، وبعض الكربوهيدرات.
تُعتبر هذه الطريقة مناسبة للأشخاص الذين لديهم خبرة سابقة مع أنظمة الصيام المتقطع الأخرى، وتُعد مثالية لمن يستطيعون التحكم في شهيتهم وتحمل أوقات طويلة من الصيام.
يدافع مؤيدو هذه الطريقة عن فكرة أن البشر، عبر التاريخ، كانوا يميلون لتناول وجباتهم الرئيسية في الليل، وهو ما يتماشى مع توقيت الإفطار في هذا النظام.
تحذيرات وملاحظات مهمة
- يجب على متبعي هذا النظام التأكد من تناول كمية كافية من الألياف لتجنب مشاكل صحية مثل اضطرابات الجهاز الهضمي أو التأثيرات السلبية على المناعة.
- يُنصح دائمًا باستشارة مختص تغذية أو طبيب قبل اتباع هذا الأسلوب، خصوصًا إذا كان الشخص يعاني من حالات صحية مزمنة.
متى تبدأ نتائج الصيام المتقطع بالظهور؟
عادةً ما تبدأ تأثيرات الصيام المتقطع بالظهور خلال الأسابيع الأولى من الالتزام، وتحديدًا بعد مرور 2 إلى 4 أسابيع. ومع ذلك، قد لا يكون الفرق في الوزن ملحوظًا خلال هذه الفترة، حيث يتطلب تحقيق نتائج ملموسة الالتزام بالنظام لفترة أطول.
للتمتع بفوائد الصوم المتقطع في فقدان الوزن، يُنصح بالاستمرار عليه لمدة 1 إلى 3 أشهر على الأقل. وتعتمد النتائج بشكل كبير على مستوى الالتزام بالنظام وأسلوب تطبيقه.
وفقًا لإحدى الدراسات، يمكن أن يؤدي الالتزام بالصيام المتقطع لمدة 12 أسبوعًا (3 أشهر) إلى تقليل وزن الجسم بنسبة تصل إلى 9%، مما يجعله خيارًا فعّالًا لخسارة الوزن الزائد عند اتباعه بشكل صحيح.
أضرار الصيام المتقطع
على الرغم من الفوائد العديدة، قد تكون هناك بعض الآثار السلبية المحتملة للصوم المتقطع، وتشمل:
- الشعور بالإرهاق والجوع، خاصة في المراحل الأولى من التعود.
- اختلال في مستويات الطاقة، مما قد يؤثر على التركيز والقدرة على أداء المهام اليومية.
- عدم ملاءمته لبعض الحالات الصحية، مثل الحوامل، الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل، أو المصابين بأمراض مزمنة بدون استشارة الطبيب.
رغم أن معظم الدراسات حول الصيام المتقطع لا تزال في مراحلها الأولية، إلا أن نتائجها مبشرة. لهذا السبب، ينصح الأطباء في بعض الحالات بتجربة الصيام المتقطع لفترات قصيرة كوسيلة لتحسين الصحة ومقارنتها بنتائج الحميات الغذائية الأخرى.