المحتوى
من المفاجئ للكثيرين أن الجسم يستهلك سعرات حرارية حتى أثناء النوم. وعلى الرغم من أن الجسم يحتاج إلى طاقة أقل خلال النوم مقارنة بالأنشطة اليومية المعتادة، إلا أن الدماغ وبعض الوظائف الجسدية الأخرى تظل نشطة.
تختلف كمية السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم خلال النوم بناءً على تفاعل معقد بين عوامل متعددة مثل النظام الغذائي، مستوى النشاط البدني، وأمور أخرى. إذا كنت تعاني من صعوبة في إدارة وزنك أو مستويات الطاقة، فإن فهم تأثير هذه العوامل على عملية التمثيل الغذائي قد يكون مفتاحًا لاستعادة توازنك الصحي.
كم عدد السعرات الحرارية التي تحرقها أثناء نومك؟
أثناء نومك، يستمر جسمك في حرق السعرات الحرارية، حيث تُقدر كمية الطاقة المستهلكة بحوالي 50 سعرة حرارية في الساعة، بشكل تقريبي. ولكن هذا الرقم يختلف من شخص لآخر بناءً على معدل الأيض الأساسي لكل فرد.
معدل الأيض الأساسي هو الطاقة المطلوبة للحفاظ على العمليات الحيوية في الجسم، مثل التنفس، دوران الدم، تنظيم حرارة الجسم، بالإضافة إلى نمو الخلايا وإصلاحها. في العادة، يشكل معدل الأيض الأساسي حوالي 80% من إجمالي السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم يوميًا. ومن الجدير بالذكر أن الدماغ وحده يستهلك نسبة كبيرة من الجلوكوز لتوليد الطاقة، ما يعادل نحو 20% من السعرات الحرارية المحروقة أثناء الراحة.
ما الذي يؤثر على معدل الأيض الأساسي؟
معدل الأيض الأساسي، الذي يختلف بين الأفراد، يتأثر بعدد من العوامل التي قد تكون قابلة للتغيير أو ثابتة:
- الطول والوزن: الأشخاص الأكبر حجمًا يحتاجون إلى سعرات حرارية أكثر لدعم وظائف أجسامهم.
- اللياقة البدنية: العضلات تستهلك سعرات حرارية أكثر من الدهون حتى في حالة الراحة، لذا الأفراد النشيطون والرياضيون يحرقون سعرات حرارية بشكل أسرع.
- الجنس: يميل الرجال إلى امتلاك معدل أيض أساسي أعلى من النساء.
- العمر: الأطفال والشباب في مرحلة النمو يتمتعون بمعدل أيض أعلى، في حين يتناقص هذا المعدل مع التقدم في العمر.
- النظام الغذائي: اتباع نظام غذائي متوازن يمكن أن يسهم في تحسين تكوين الدهون في الجسم.
- جودة النوم: النوم غير الكافي أو الرديء يمكن أن يؤثر سلبًا على عملية الأيض.
- العرق: بعض الدراسات تشير إلى أن الأفراد من أصول عرقية مختلفة قد يمتلكون معدلات أيض أساسية متباينة.
- العوامل الوراثية: تلعب الجينات دورًا في تحديد معدل الأيض إلى حد ما.
- الهرمونات والحالات الطبية: حالات مثل الحمل، الرضاعة، انقطاع الطمث، أو مشاكل الغدة الدرقية قد تؤثر على معدل الأيض. إذا كنت تشك في وجود حالة طبية تؤثر على عملية الأيض لديك، استشر طبيبك.
كيفية حساب السعرات الحرارية المحروقة أثناء النوم

لحساب السعرات الحرارية التي تحرقها أثناء النوم بدقة، تحتاج إلى قياس معدل الأيض الأساسي بدقة. يتم ذلك عادةً باستخدام جهاز قياس السعرات الحرارية الذي يعتمد على تحليل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون الذي يتم استنشاقه وطرده من الجسم. هذا الاختبار يُجرى في بيئة خاضعة للتحكم، حيث يقضي الشخص الليلة في مختبر، يمتنع عن ممارسة التمارين الرياضية لمدة 24 ساعة، ويصوم لمدة 12 ساعة، وينام لمدة 8 ساعات على الأقل قبل إجراء القياس. هذا التحضير مهم لأن العمليات مثل الهضم والتمارين الرياضية تستهلك طاقة وتؤثر على معدل الأيض.
ومع ذلك، بسبب تكلفة وتعقيد هذا الاختبار، ليس من العملي للجميع إجراءه. بدلاً من ذلك، يمكن استخدام معادلات تقريبة مثل معادلة هاريس-بينيديكت للحصول على تقدير لمعدل الأيض الأساسي:
- للذكور : معدل الأيض الأساسي = 66.5 + (13.8 × الوزن بالكيلوجرام) + (5 × الطول بالسنتيمتر) – (6.8 × العمر بالسنوات)
- للإناث : معدل الأيض الأساسي = 655 + (9.6 × الوزن بالكيلوجرام) + (1.8 × الطول بالسنتيمتر) – (4.7 × العمر بالسنوات)
توفر هذه المعادلة تقديرًا لمعدل الأيض الأساسي أثناء اليقظة على مدار 24 ساعة. لحساب السعرات الحرارية المحروقة أثناء النوم، قسّم النتيجة على 24 للحصول على المعدل لكل ساعة، ثم اضربه في 0.85 لتقدير معدل الأيض أثناء النوم.
تجدر الإشارة إلى أن معادلة هاريس-بينيديكت تعتمد فقط على الوزن والطول والعمر والجنس، ولا تأخذ في اعتبارها العوامل الوراثية أو العرق أو نسبة العضلات إلى الدهون أو الحالات الطبية. للحصول على تقدير تقريبي لنسبة العضلات إلى الدهون، يمكنك استخدام مؤشر كتلة الجسم:
- مؤشر كتلة الجسم = الوزن (بالرطل) / [الطول (بالبوصة)]² × 703
تُعتبر قراءة مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5 نحافة، وأكثر من 25 زيادة في الوزن، ولكن بالنسبة للأفراد من أصل آسيوي أو آسيوي أمريكي، يُعتبر مؤشر كتلة الجسم الذي يزيد عن 22.9 زيادة في الوزن. الأشخاص ذوو الوزن الزائد عادةً ما يكون لديهم نسبة أعلى من الدهون، والتي تحرق سعرات حرارية أقل مقارنةً بالعضلات. يجب الانتباه إلى أن مؤشر كتلة الجسم قد لا يكون دقيقًا للأشخاص الحوامل، لاعبي كمال الأجسام، أو أولئك الذين يمتلكون تكوين جسم غير تقليدي.
كيف تؤثر مراحل النوم على استهلاك السعرات الحرارية؟
تختلف كمية السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم خلال مراحل النوم المختلفة، حيث لا تظل متطلبات الطاقة ثابتة طوال الليل.
- مرحلة حركة العين السريعة (REM): هذه المرحلة هي الأكثر استهلاكًا للطاقة. أثناء نوم REM، يرتفع معدل ضربات القلب وتظهر نشاطات دماغية مشابهة لتلك التي تحدث خلال ساعات اليقظة. يُزيد هذا النشاط العقلي من حاجة الدماغ إلى الجلوكوز، مما يؤدي إلى زيادة في معدل التمثيل الغذائي.
- مرحلة النوم العميق: على النقيض من ذلك، في المرحلة الثالثة من النوم، المعروفة بالنوم العميق، يكون معدل ضربات القلب والتنفس ودرجة حرارة الجسم الأساسية ونشاط الدماغ في أدنى مستوياتها. خلال هذه المرحلة، يُفرز هرمون النمو ويعزز الجهاز المناعي. ومع ذلك، يحتاج الدماغ إلى كمية أقل من الجلوكوز في هذه المرحلة، مما يؤدي إلى تقليل معدل التمثيل الغذائي إلى الحد الأدنى.
إذن، بينما تستمر وظائف الجسم الأساسية طوال الليل، تتباين متطلبات الطاقة بشكل ملحوظ حسب مرحلة النوم.
كيف يمكنك تعزيز حرق السعرات الحرارية أثناء النوم؟
لزيادة كمية السعرات الحرارية التي تحرقها خلال فترة النوم، عليك التركيز على تعزيز معدل الأيض الأساسي. يتم ذلك من خلال تبني بعض العادات الصحية التي تشمل تناول الطعام بشكل مناسب، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وضمان حصولك على قسط كافٍ من النوم الجيد.
في حين أن الحرمان من النوم قد يؤدي مؤقتًا إلى زيادة في حرق السعرات الحرارية بسبب النشاط الزائد، فإن الدراسات الطويلة الأمد تكشف أن نقص النوم المزمن يرتبط بزيادة الوزن والسمنة.
نقص النوم يؤثر سلبًا على توازن الهرمونات في الجسم، مثل زيادة مستويات الكورتيزول، الذي يمكن أن يعيق قدرة الجسم على تنظيم مستويات الجلوكوز، مما يسهم في زيادة الوزن ومقاومة الأنسولين، وربما يؤدي إلى داء السكري من النوع 2. علاوة على ذلك، الحرمان من النوم لا يساهم فقط في تقليل كفاءة الجسم في حرق الدهون، بل قد يدفعه إلى استخدام الكتلة العضلية الخالية من الدهون كمصدر للطاقة بدلاً من الدهون.
كما أن مرحلة حركة العين السريعة (REM) من النوم هي التي تستهلك السعرات الحرارية بشكل أكبر. لذا، فإن أي اضطراب في النوم يؤثر على مقدار الوقت الذي تقضيه في هذه المرحلة يمكن أن يؤثر على معدلات حرق السعرات الحرارية. لتحسين ذلك، يُنصح باتباع عادات نوم جيدة مثل إنشاء بيئة نوم هادئة ومظلمة، مما يساعد الجسم على الانتقال بسلاسة عبر مراحل النوم وتحسين التمثيل الغذائي أثناء النوم.
الارتباط بين جودة النوم والصحة الأيضية واضح خاصةً لدى الأشخاص الذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (OSA)، وهو اضطراب يؤدي إلى نوم متقطع بسبب توقف التنفس المتكرر. غالبًا ما ترتبط هذه الحالة بالسمنة، مما يشير إلى أن كل من الحالة الصحية والسمنة قد تتفاقم بسبب بعضها البعض.
التمارين الرياضية، النظام الغذائي، والنوم: كيف يؤثر كل منها على الآخر؟

تظهر الدراسات أن تناول الطعام مباشرة قبل النوم يمكن أن يساهم في زيادة الوزن، ولكن الأهم هو نوع الطعام الذي تتناوله. إذا شعرت بالجوع في الليل، من الأفضل اختيار وجبة خفيفة صحية بدلاً من الأطعمة السريعة. لا تقتصر الفوائد على التحكم في الوزن فحسب، بل إن نظام غذائي متوازن يعزز أيضًا جودة النوم.
التمارين الرياضية المنتظمة والنظام الغذائي الصحي يلعبان دورًا مهمًا في تنظيم نمط النوم وتحسين نسبة العضلات إلى الدهون، مما يعزز عملية التمثيل الغذائي. تجنب تناول الكافيين والكحول قبل النوم؛ فبينما قد يؤدي الكافيين إلى زيادة مؤقتة في الأيض، إلا أنه يعرقل النوم ويعتبر غير فعال كاستراتيجية لفقدان الوزن على المدى الطويل.