المحتوى
عندما يواجه الأطفال صعوبات في التركيز، فهذا لا يعني بالضرورة أنهم يفتقرون إلى الذكاء أو الجدية أو الاهتمام. فقد يكون الطفل في الحقيقة راغبًا في التركيز على موضوع معين، ولكنه يجد صعوبة في ذلك. يمكن أن تكون هذه الصعوبة ناتجة عن أمور بسيطة مثل الجوع أو التعب أو انشغال الذهن بأمور أخرى. وفي بعض الأحيان، قد تكون هناك مشكلة أكثر تعقيدًا مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، الذي يعتبر من الأسباب الشائعة لمشاكل التركيز.

اسباب تؤثر على قدرة الطفل على التركيز
بعيدًا عن تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الذي غالبًا ما يكون في بؤرة اهتمام المعلمين والأهل والأطباء، هناك مجموعة متنوعة من الأسباب الأخرى التي قد تؤثر على قدرة الطفل على التركيزومنها:-
- صعوبات التعلم
الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة دون أن يتم تشخيص حالتهم غالباً ما يشعرون بالإحباط والخجل، حيث يجدون أنفسهم غير قادرين على تحقيق ما ينجح فيه أقرانهم من الأطفال. هذه المشاعر تأتي نتيجة لتجاربهم اليومية في المدرسة أو المنزل، حيث يجدون صعوبة في القراءة والكتابة مقارنة بأصدقائهم. يترجمون هذه الصعوبات إلى نقص في قدراتهم أو ضعف في ذكائهم، مما يؤدي إلى شعورهم بالانزعاج والتوتر، وقد يؤثر ذلك سلباً على ثقتهم بأنفسهم.
- المشتتات الشائعة
يستمر عقل الطفل الفضولي في البحث عن أي مصدر للإلهاء، مثل جهاز التلفاز، أو أداة، أو حتى لعبة صغيرة متروكة في زاوية الغرفة، خاصة عندما يكون في خضم إنجاز واجباته المنزلية. لهذا السبب، من الضروري التأكد من أن بيئة العمل التي سيقوم فيها الطفل بمهامه الدراسية خالية تمامًا من أي عناصر قد تشتت انتباهه. قم بإزالة أي أشياء قد تثير فضول الطفل أو تشغل تفكيره قبل أن يبدأ في التركيز على دراسته، لضمان أن يكون لديه أقصى درجات التركيز والإنتاجية.
- قلة النوم
من الضروري أن يحرص الوالدان على أن يحصل طفلهما على كمية كافية من النوم بانتظام وفي أوقات محددة كل يوم، لأن نقص النوم يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قدرة الطفل على التركيز. تأكد من أن طفلك ينال قسطاً وافراً من الراحة ليلاً، حيث يساهم النوم الجيد في تحسين انتباهه وأداءه الأكاديمي. التزامه بجدول نوم منتظم يساعد في تعزيز قدراته العقلية ويسهم في استقرار حالته المزاجية، مما يعزز تركيزه خلال النهار.
- تحمل المهمات الصعبة
عندما يُطلب من الطفل أداء مهمة تتسم بالصعوبة أو تفتقر إلى المتعة، غالباً ما يشعر بالملل بسرعة ويفقد تركيزه، محولاً اهتمامه إلى أنشطة أخرى أكثر جاذبية. وهذا يتناقض مع سلوك البالغين الذين يتمتعون بالقدرة على إتمام المهام المطلوبة بغض النظر عن مدى حبهم لها أو عدمه. لمعالجة هذا التحدي بشكل فعال، يمكن تقسيم المهمة الكبيرة والصعبة إلى مجموعة من المهام الأصغر والأبسط، مما يجعلها أكثر سهولة ويسراً للطفل لتنفيذها. هذا النهج يساعد في الحفاظ على اهتمام الطفل وزيادة فرص إتمامه للمهمة بنجاح.
- تقصير الوالدين
عندما يفتقر الأطفال إلى الشعور بالاهتمام من قبل والديهم، قد يتعمدون تجاهل المهام التي يُطلب منهم إنجازها، كنوع من محاولة لفت النظر وجذب انتباه الوالدين إليهم. في هذه الحالات، قد يرى الطفل في تصرفاته هذه وسيلة للتعبير عن حاجته للاهتمام والمشاركة. لذا، من الأهمية بمكان أن يحرص الوالدان على تخصيص وقت يومي للتفاعل مع أطفالهم وقضاء وقت نوعي معهم. هذه اللحظات المشتركة تعزز شعور الطفل بالاهتمام والحب، وتساعد في تعزيز التزامه بالمهام المطلوبة منه دون اللجوء إلى أساليب جذب الانتباه السلبية.
- الوسواس القهري
الأطفال الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري، الذي غالباً ما يظهر في سنوات الدراسة المبكرة، يواجهون تحديات إضافية تتمثل في التشتت وضعف القدرة على التركيز. هذا الاضطراب يفرض عليهم أنماطاً قهرية من التفكير والسلوك، مما يجعلهم عرضة للانشغال بتفاصيل معينة على حساب مهامهم الدراسية اليومية. ونتيجة لذلك، يجدون صعوبة في توجيه انتباههم بشكل كامل نحو ما يُطلب منهم، مما يزيد من تعقيد عملية التعلم ويؤثر سلباً على أدائهم الأكاديمي.
طرق لتحسين قدرة الطفل على التركيز
- اتاحة وقت خاص للاطفال
الأطفال يتمتعون بحيوية ونشاط كبيرين بطبيعتهم، لذا فإن تخصيص وقت لهم لتفريغ طاقاتهم بعد الانتهاء من المهام الموكلة إليهم قد يسهم بشكل كبير في تحسين قدرتهم على التركيز في المهمة التالية. من المهم أن يستغل الطفل هذا الوقت في ممارسة نشاط مختلف تماماً، حيث إن الجمع بين الأنشطة البدنية والذهنية يحقق توازنًا فعالًا يساعد على تجديد الطاقة والاهتمام. هذا التنوع في الأنشطة يسهم في تعزيز تركيز الطفل واستعداده للتعامل مع المهام القادمة بشكل أكثر فعالية.
- المكافآت
لتحفيز الأطفال على إتمام المهام الصعبة، من المهم تشجيعهم وتقديم مكافآت تعزز من شعورهم بالإنجاز. يُفضل التنويع بين المكافآت المادية والمعنوية، مثل تقديم الثناء والإشادة بجهودهم. هذا التنوع يسهم في تعزيز الدافعية الداخلية لدى الطفل، ويجعله أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات المقبلة بثقة وحماس.
- تحديد فترة زمنيه لانجاز الهدف
عند مساعدة الطفل على الدراسة، يمكن تحفيزه من خلال وضع أهداف زمنية قصيرة، مثل إكمال عدد معين من الصفحات في غضون عشرين دقيقة. نظرًا لأن متوسط فترة التركيز لدى البالغين لا يتجاوز 42 دقيقة، فمن المناسب تحديد فترة زمنية للطفل تتراوح بين 15 إلى 20 دقيقة. ومع ذلك، يجب مراعاة أن بعض الأطفال قد يشعرون بالضغط نتيجة للتحديد الزمني، مما قد يؤدي إلى فقدانهم للتركيز. لذا، من المهم أن تكون هذه الفترات الزمنية مرنة وتتناسب مع قدرات الطفل الفردية.
- الغذاء الصحي
يلعب تناول الطعام الصحي دوراً حيوياً في تحسين تركيز الطفل، حيث تؤدي الوجبات السريعة والأطعمة الغنية بالسكريات إلى انخفاض مستويات الطاقة وإبطاء الأداء الذهني. على الجانب الآخر، تسهم الأطعمة الغنية بالبروتينات مثل اللوز، والبيض، واللحوم الخالية من الدهون في تعزيز اليقظة وزيادة القدرة على التركيز. بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول الخضراوات والفواكه يمد الجسم بمضادات الأكسدة التي تقوي العقل وتعزز وظائفه الإدراكية، مما يساهم في تحسين الأداء العقلي للأطفال بشكل ملحوظ.
- العاب التركيز والذكاء
يمكنك تنمية وتعزيز قدرة الطفل على التركيز من خلال مجموعة متنوعة من ألعاب التفكير التي تتطلب استخدام العقل والتخطيط والذاكرة. من بين هذه الألعاب: الكلمات المتقاطعة، الألغاز، وألعاب الورق مثل “الذاكرة” و”أونو”. كما يمكن تجربة لعبة “مجرد الجلوس”، حيث يُطلب من الطفل البقاء ساكنًا لأطول فترة ممكنة دون حراك، مما يشكل تحدياً ممتعاً له.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأنشطة مثل ترتيب الأشياء أبجديًا أو استخدام عداد الطاولة أن تكون فعالة للأطفال الذين يواجهون صعوبات في التركيز. على الجانب الآخر، يُنصح بتجنب استخدام الأجهزة اللوحية والحواسيب، حيث أثبتت الدراسات أنها تسهم في تقليل مدى الانتباه وضعف الذاكرة لدى الأطفال.
- توزيع المهام حسب قدرة الطفل
يختلف مستوى الطاقة لدى الأطفال من وقت لآخر؛ فبعضهم يكون في قمة نشاطه صباحاً، بينما يفضل آخرون فترة المساء. لذلك، من الحكمة تنظيم المهام بناءً على هذه الفترات الزمنية. يمكن تخصيص الأنشطة الأكثر تحدياً والتي قد تكون أقل متعة خلال الأوقات التي يكون فيها الطفل في ذروة طاقته، بينما تُخصص المهام الأسهل لفترات انخفاض الطاقة.
كما يجدر الانتباه إلى أهمية تقنيات الاسترخاء البسيطة، مثل ممارسة التنفس العميق مصحوباً بتخيل صور إيجابية، حيث تسهم هذه الأساليب في تعزيز قدرة الدماغ على تحسين مهارات الطفل واستيعاب مهارات جديدة بشكل أكثر فعالية.
- تقليل الواجبات وتوفير الوقت الاضافي
من الضروري منح الأطفال الذين يواجهون صعوبات في التركيز وقتًا إضافيًا لإتمام المهام الدراسية، مع مراعاة تقليل كمية الواجبات المنزلية المفروضة عليهم. هذا التعديل يساعد على تخفيف الضغط المفرط الذي قد يعيق قدرتهم على التركيز ويعزز من فرصهم في تحقيق إنجازات ملموسة بطريقة أكثر راحة وكفاءة.
- تقليل الجلوس امام الشاشات
يميل الأطفال إلى فقدان تركيزهم بشكل ملحوظ عندما يتعرضون لفترات طويلة أمام الشاشات. لذا، من المهم تقليص الوقت الذي يقضونه أمامها، مما يساعد في الحفاظ على مستويات انتباههم ويعزز قدرتهم على التركيز على الأنشطة الأخرى بشكل أفضل.
- استشارة الطبيب
إذا لم تحقق الأساليب السابقة النتائج المرجوة، يمكن النظر في استخدام الأدوية المنبهة لعلاج اضطرابات الانتباه والتركيز، ولكن فقط بعد استشارة طبية متخصصة. هذه الأدوية، التي تساهم في تحسين التركيز لدى حوالي 70% من الأطفال، تعمل لفترات زمنية محدودة وتظهر تأثيراً إيجابياً على السلوك والقدرات الذهنية. ومع ذلك، يجب أن نعلم أن الاستجابة للأدوية قد تختلف من طفل إلى آخر، وقد يحتاج الأمر إلى تجربة أنواع مختلفة من الأدوية حسب توصيات الطبيب المختص.
مكملات غذائيه تساعد طفلك على التركيز ايام الدراسة:
إذا كنت تبحث عن وسيلة آمنة وفعالة لتحسين تركيز طفلك خلال أوقات الدراسة، فإن هناك مجموعة من المكملات الطبيعية التي يمكن أن تكون مفيدة. من خلال تقديم هذه المكملات، يمكنك ضمان أن يحصل طفلك على أقصى استفادة من دراسته، مع تقليل احتمالية حدوث آثار جانبية، والتي غالبًا ما تكون ضئيلة أو غير موجودة. إذا كنت تسأل نفسك: “ما هي المكملات التي يمكن أن تعزز تركيزي في الدراسة؟” فإن هذه المكملات الخمسة يمكن أن تكون الخيار الأمثل لدعم وتحسين تركيز طفلك.
تشير الأبحاث إلى أن فيتامين ب 12 يلعب دورًا مهمًا في تعزيز التركيز الذهني وتخفيف التوتر. دراسة نشرت في عام 2020 في المكتبة الوطنية للطب أظهرت أن فيتامين ب 12 يمكن أن يحسن مستويات الانتباه بشكل ملحوظ لدى الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD). هذا الفيتامين ليس فقط مفيدًا في تحسين التركيز، بل أيضًا في تعزيز الصحة العامة للدماغ والقدرة على التركيز.
- المغنيسيوم
يُعتبر المغنيسيوم من المعادن الأساسية التي تلعب دورًا مهمًا في تنظيم الناقلات العصبية في الدماغ، مما يمكن أن يسهم في تقليل التوتر وتعزيز القدرة على التركيز. دراسة نشرت في عام 2020 في المكتبة الوطنية للطب أوضحت أن مكملات المغنيسيوم أدت إلى تحسين ملحوظ في مستويات الانتباه والأداء الأكاديمي بين الطلاب الذين يواجهون صعوبات في التعلم. هذا المعدن يساهم في دعم وظائف الدماغ، مما يجعله خيارًا مفيدًا لتحسين التركيز والأداء الدراسي.
- زيت السمك اوميجا 3
تشير الأبحاث إلى أن زيت السمك، الذي يحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية ملحوظة على الأداء الإدراكي للأطفال. يُعتقد أن أوميغا 3 يعزز بشكل خاص الانتباه والذاكرة، مما يجعله مفيدًا في دعم القدرات العقلية. دراسة نشرت في عام 2021 في مجلة Nutrients أفادت بأن مكملات أوميغا 3 أدت إلى تحسينات ملحوظة في الذاكرة العاملة، والوظائف التنفيذية، والأداء الأكاديمي لدى الأطفال في سن المدرسة. هذه النتائج تدعم فكرة أن إضافة زيت السمك إلى النظام الغذائي يمكن أن يساهم في تعزيز القدرات الذهنية والأداء الأكاديمي لدى الأطفال.
- الحديد
يُعتبر الحديد من العناصر الأساسية التي قد تلعب دورًا مهمًا في تعزيز تركيز الأطفال، حيث يرتبط نقص الحديد بظهور أعراض فرط الحركة لدى بعضهم. تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) غالباً ما يكون لديهم مستويات منخفضة من الفيريتين، وهو البروتين المسؤول عن تخزين الحديد في الدم.
تُظهر دراسة صغيرة أن تناول مكملات الحديد لمدة 12 أسبوعًا أدى إلى تحسين ملحوظ في أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى هؤلاء الأطفال. ومع ذلك، من المهم توخي الحذر من الإفراط في تناول مكملات الحديد، حيث أن استهلاك الأطعمة الغنية بالحديد مثل اللحوم الحمراء، والشوكولاتة الداكنة، والخضراوات الورقية يمكن أن يعزز مستويات الحديد في الجسم دون المخاطرة بالآثار الجانبية.
فيتامين د يلعب دوراً حيوياً في تعزيز الذاكرة وزيادة مستوى التركيز. عندما تكون مستويات فيتامين د غير كافية في الجسم، قد يتسبب ذلك في تراجع القدرة على التركيز وقد يؤدي أيضاً إلى زيادة احتمال الإصابة بالاكتئاب. هذا لأن فيتامين د يساهم في دعم وظائف الدماغ وصحة الجهاز العصبي، وبالتالي فإن نقصه يمكن أن يؤثر سلباً على الأداء الذهني والعاطفي.