المحتوى
لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث أحدثت تحولاً جذريًا في طريقة تفاعلنا مع العالم. تقدم منصات التواصل الاجتماعي المختلفة للمستخدمين فرصة للتواصل الفوري مع أشخاص من جميع أنحاء العالم، مما يمنحهم إمكانية الوصول المستمر إلى الأخبار والترفيه والمعلومات بلا حدود.
بالنسبة للعديد من الأشخاص، تشكل وسائل التواصل الاجتماعي روتينًا يوميًا لا غنى عنه. سواء كان ذلك بهدف البحث عن معلومة معينة، الدردشة مع الأصدقاء، أو مشاركة اللحظات عبر الصور، فإن غالبية الأميركيين يتفقدون حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يومي، بل إن الكثير منهم يستمر في التصفح حتى لحظات ما قبل النوم.
ولكن، هذا الاستخدام المتواصل قد يحمل تأثيرات سلبية على جودة النوم. إذ إن الانغماس في وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم قد يقلل من جودة النوم بشكل ملحوظ، ويرفع من خطر التعرض لاضطرابات ومشكلات في النوم.
وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الشباب
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الهواتف الذكية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الشباب، حيث يمتلك نحو 95% من المراهقين إمكانية الوصول إليها. ومع ذلك، فإن حوالي 45% منهم يعترفون بأنهم متصلون بالإنترنت بصورة شبه دائمة.
تعد وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا ذو حدين بالنسبة للمراهقين. فهي تتيح لهم مشاركة تجاربهم وأفكارهم والحصول على الدعم من أقرانهم. ولكن، على الجانب الآخر، تنبه الأبحاث المتزايدة إلى أن الانغماس المفرط في هذه الوسائل قد يزيد من خطر تعرضهم لمشاكل نفسية خطيرة، مثل القلق والاكتئاب.
وتشير الدراسات إلى أن هذا التأثير السلبي لا يقتصر فقط على الصحة العقلية، بل يمتد ليشمل اضطرابات النوم. فقد أظهرت الدراسات أن كثرة الأنشطة المعتمدة على الشاشات – مثل التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي أو مشاهدة التلفاز أو ممارسة الألعاب – تؤدي إلى تقليص ساعات النوم، مما يزيد من صعوبة الحصول على نوم مريح. كما أن هذه المشاكل في النوم تسهم بدورها في ظهور أعراض الأرق والاكتئاب بشكل أكبر.
مواقع التواصل الاجتماعي وتاثيرها على النوم

التفاعل مع مواقع التواصل الاجتماعي أو مراجعة البريد الإلكتروني أو متابعة الأخبار قبل النوم يمكن أن يتسبب في تأخير النوم. استخدام الأجهزة الإلكترونية ليلًا يؤثر سلبًا على جودة النوم، وذلك نتيجة للضوء المنبعث من الشاشات الرقمية الذي يؤثر على الدماغ.
رغم أن جميع أنواع الضوء تؤثر على إيقاع الساعة البيولوجية لدينا، إلا أن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات له تأثير مضاعف. يعمل هذا الضوء على تنشيط مناطق معينة في الدماغ، مما يزيد من مستوى اليقظة في وقت نحتاج فيه إلى الاسترخاء، وهو ما يجعل النوم أكثر صعوبة.
تزداد هذه المشكلة حدة لدى الأشخاص الذين يستيقظون خلال الليل لتفقد هواتفهم. إذ يعترف حوالي 21% من البالغين بأنهم يقومون بذلك، مما يجعلهم عرضة لفقدان ساعات النوم والإصابة باضطرابات مثل الأرق.
صعوبة مقاومة إغراء تصفح وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم أصبحت شائعة، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن 70% من موظفي المستشفيات وطلاب الجامعات يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بعد الاستلقاء في السرير، بينما يقضي 15% منهم ساعة أو أكثر على هواتفهم كل ليلة.
الخوف من ان يفوت شيء مهم بالسوشيال ميديا
أحد الأسباب الرئيسية لإفراط الناس في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم هو شعورهم بالخوف من تفويت شيء مهم، المعروف اختصارًا بـ FOMO. إذ تتيح لنا وسائل التواصل إمكانيات لا تنتهي من التفاعل مع العالم من حولنا، ولكن ليس على مدار الساعة. ومن هنا ينشأ FOMO، الذي يعكس رغبة مستمرة في متابعة ما يحدث في حياة الآخرين ومشاركاتهم دون انقطاع.
هذا الخوف يدفع العديد من الأشخاص إلى التحقق من حساباتهم على وسائل التواصل خلال 15 دقيقة من محاولتهم النوم، مما يفاقم من مشاكلهم مع النوم. وتزداد المشكلة سوءًا لدى من يعانون من FOMO بشكل كبير، حيث يميلون أيضًا إلى التحقق من هواتفهم في أوقات غير ملائمة، مثل أثناء المحاضرات أو حتى أثناء القيادة، ما يؤثر سلبًا على تركيزهم وصحتهم بشكل عام.
نصائح لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي
التحقق المستمر من وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم قد يعكر صفو روتينك الليلي ويؤثر سلبًا على جودة نومك. نظرًا لسهولة الوصول إلى هذه المنصات والإغراء الذي تمثله، من الضروري أن نضع لأنفسنا قواعد واعية تساهم في تعزيز النوم وتجنب العادات التي تضر به.
إليك بعض النصائح العملية للتحكم في استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي وضمان عدم تأثيرها على نومك:
- تحدث مع أبنائك حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: بينما توفر هذه المنصات فرصًا واسعة للتواصل مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم، يجب أن تدرك أن مع هذا الامتياز تأتي مسؤولية كبيرة. علم أطفالك كيف يديرون وقتهم بوعي ويستخدمون وسائل التواصل بشكل آمن ومسؤول.
- خلق عادات الابتعاد عن الشاشات: بالرغم من أهمية التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، فإن الوقت الخالي من الشاشات ضروري للحفاظ على توازن حياتنا. حدد أوقاتًا محددة للابتعاد عن الشاشات يوميًا، سواء خلال الأوقات الاجتماعية أو أثناء تناول الطعام أو قبل النوم.
- تجاوز الخوف من تفويت شيء ما: إذا شعرت بالقلق من تفويت أحداث أو تحديثات مهمة قبل النوم، تذكر أن هذا الشعور قد يمنعك من الحصول على الراحة التي تحتاجها. حاول ممارسة تقنيات الاسترخاء واليقظة لتقليل التوتر والتركيز على الاستعداد للنوم.
- إسكات الإشعارات: تنبيهات وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون مزعجة وتؤدي إلى تفاعل غير واعٍ مع الأجهزة. قم بإيقاف الإشعارات الصوتية والمرئية خاصة قبل النوم لتجنب الاستيقاظ المتكرر أو الرغبة في التحقق من الهاتف.
- إبعاد الهاتف عن غرفة النوم: واحدة من أفضل الخطوات التي يمكنك اتخاذها هي شحن أجهزتك الإلكترونية في مكان بعيد عن غرفة النوم. الاحتفاظ بالهاتف في مكان مثل المطبخ أو المكتب يقلل من إغراء التحقق من وسائل التواصل الاجتماعي ليلاً.
- طلب الدعم عند الحاجة: إذا شعرت أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على نومك أو حياتك اليومية، لا تتردد في طلب المساعدة. تحدث إلى مختص، سواء كان طبيبًا أو معالجًا نفسيًا، للحصول على نصائح مخصصة حول كيفية تحسين استخدامك للتكنولوجيا وتعزيز نومك.
اتباع هذه النصائح يساعدك على تحقيق توازن صحي بين الحياة الرقمية واحتياجاتك الفسيولوجية للنوم.
المراجع
https://www.pewresearch.org/internet/2018/05/31/teens-social-media-technology-2018