المحتوى
على الرغم من أن الإجهاد يعد استجابة طبيعية للجسم تهدف إلى حمايته في مواقف التهديد، إلا أن التحول إلى حالة الإجهاد المزمن أو القلق المستمر يمكن أن يؤدي إلى آثار طويلة الأمد على الصحة، من أبرزها مشاكل في النوم أو حتى الأرق التام.
عندما يتعرض الشخص للتوتر، يدخل الجسم في حالة “القتال أو الهروب”، حيث يزداد معدل ضربات القلب، ويصبح التنفس أسرع، وتتصاعد مستويات هرمونات التوتر في الدم. حتى بعد انتهاء الموقف المسبب للتوتر، قد يبقى الجسم في حالة تأهب قصوى. هنا تأتي أهمية تقنيات الاسترخاء، التي يمكنها إعادة التوازن للجسم من خلال تهدئة ضربات القلب، تنظيم التنفس، خفض ضغط الدم، وإعادة الإحساس بالراحة والسكينة.
أفضل النصائح لتخفيف التوتر أثناء الليل:
إذا كنت تعاني من التوتر الذي يحول دون الاستمتاع بنوم هادئ، هناك عدة تقنيات يمكنك الاستعانة بها لتخفيف التوتر قبل النوم. تساعدك هذه الطرق على تحقيق الاسترخاء، سواء كنت تفضل الاعتماد على أسلوب واحد أو تمزج بين عدة أساليب. إذا استمر التوتر والنوم المتقطع لفترة طويلة، قد يكون من الأفضل التحدث مع طبيبك لتحديد الحل الأنسب لك.
التأمل الذهني
يُعد التأمل من أشهر الوسائل المستخدمة لتهدئة العقل والجسد. تعتمد هذه الممارسة على مراقبة الأفكار والمشاعر دون الحكم عليها، مما يساعد في التغلب على الأفكار المزعجة التي قد تثير القلق قبل النوم. التركيز على اللحظة الحالية هو جوهر التأمل الذهني، ويتطلب تدريباً على استعادة التركيز كلما شردت أفكارك. رغم صعوبة الأمر في البداية، إلا أن الفوائد تظهر مع الممارسة المستمرة، حيث ثبت أن التأمل يقلل من اضطرابات النوم ويساعد البالغين على الاسترخاء العميق.

التأمل الموجه
التأمل الموجه يعتمد على توجيه الشخص من خلال كلمات هادئة تساعده في تصور أماكن مريحة وهادئة. يمكن دمج موسيقى هادئة أو أصوات الطبيعة لتعزيز التجربة. توجد العديد من التأملات الموجهة عبر الإنترنت، مثل تطبيقات Calm ويوتيوب، وهي مفيدة لتخفيف التوتر قبل النوم أو حتى أثناء الليل عندما تجد صعوبة في النوم.
الحركة التأملية
الحركة التأملية تجمع بين التأمل والحركة الجسدية اللطيفة مثل اليوغا والتاي تشي والتشي كونغ. لا تحتاج إلى معدات خاصة، مما يجعلها مناسبة لممارستها في أي مكان. وقد أظهرت الأبحاث أن هذه الأنشطة تسهم في تحسين التوازن الجسدي والنفسي، وتخفف من التوتر وتعزز الصحة العاطفية، ما يساعد في تحسين نوعية النوم.
التنفس العميق
يُعتبر التنفس العميق أحد أهم تقنيات الاسترخاء التي يمكن ممارستها في أي وقت. الهدف هو تحقيق تنفس بطيء وعميق يساعد على تهدئة الجهاز العصبي. يمكنك البدء بوضع يدك على بطنك واستنشاق الهواء ببطء، ثم احتباس النفس لبضع ثوانٍ قبل الزفير ببطء. هناك تقنيات شهيرة مثل طريقة 4-7-8 التي تعتمد على توقيتات محددة للتنفس، ولكن يمكنك ببساطة البدء بزيادة الوعي لتنفسك وتحسينه تدريجيًا.
الاسترخاء التدريجي
هذه التقنية تتطلب شد العضلات وإرخائها بالتتابع من الرأس حتى أخمص القدمين. يبدأ الاسترخاء التدريجي بأصابع القدمين وينتقل ببطء إلى الساقين، الفخذين، وهكذا حتى يتم تخفيف التوتر المتراكم في الجسم. يساعدك التركيز على كل جزء من الجسم على ملاحظة أي توتر مخفي أو آلام خفيفة، مما يسهم في استرخاء الجسم بالكامل والتمهيد لنوم أعمق.
التغذية الراجعة الحيوية
تستخدم التغذية الراجعة الحيوية أجهزة إلكترونية لمراقبة وظائف الجسم مثل ضغط الدم ونبضات القلب ونشاط العضلات. من خلال تحليل هذه البيانات مع معالج مختص، يمكنك تعلم كيفية التحكم بتلك الوظائف الجسدية وتقليل التوتر. تعد هذه التقنية مفيدة للأشخاص الذين يعانون من التوتر المستمر أو الأرق المزمن، فهي تمنحهم القدرة على متابعة التغيرات في الجسم والاستجابة لها بفعالية.
جميع هذه الأساليب تهدف إلى تهدئة العقل والجسم قبل النوم، لكن تذكر أن هذه التقنيات ليست بديلة للعلاج الطبي إذا كانت هناك مشكلات صحية أخرى. إذا كنت تعاني من توتر مزمن أو أرق مستمر، فلا تتردد في استشارة طبيب مختص لتحصل على الدعم المناسب.
كيف تقلل من التوتر من خلال روتينك الليلي؟
لتحقيق نوم مريح والحد من التوتر قبل النوم، يمكنك دمج تقنيات الاسترخاء ضمن روتينك الليلي، ولكن لا تتوقف عند هذه الأساليب فقط. هناك عادات أخرى يمكنك اتباعها لتجعل من وقت النوم فرصة للتجدد والاسترخاء الكامل.
- إنشاء بيئة نوم مثالية
البيئة المحيطة بك تلعب دوراً كبيراً في تحديد مدى قدرتك على الاسترخاء ليلاً. ابدأ بتقييم غرفة نومك؛ هل هي مظلمة بما يكفي؟ هل هناك ضوضاء قد تعكر صفو نومك؟ لضمان بيئة مثالية، حاول استخدام ستائر سميكة لحجب الضوء الخارجي، وتأكد من أن الغرفة هادئة بقدر الإمكان. إذا كنت لا تستطيع التحكم في الضوضاء الخارجية، جرب استخدام الضوضاء البيضاء أو أصوات الطبيعة الهادئة لتغطية الأصوات المزعجة.
- تقليل استهلاك الكافيين والكحول
ما تتناوله قبل النوم له تأثير كبير على جودة نومك. الكافيين والكحول هما من أبرز المسببات التي قد تؤثر سلباً على قدرتك على النوم. الكافيين، الموجود في القهوة والشاي والمشروبات الغازية، يمكن أن يظل في جسمك لساعات، مما يجعل من الصعب الاسترخاء. كذلك، في حين أن الكحول قد يجعلك تشعر بالنعاس في البداية، إلا أنه يمكن أن يعكر مراحل النوم العميق، مما يسبب استيقاظات متكررة ويزيد من التوتر في اليوم التالي. حاول التقليل منهما، خاصة في الساعات التي تسبق وقت النوم.
- الاستفادة من حمام دافئ
أخذ حمام دافئ قبل النوم هو وسيلة فعالة للتخفيف من التوتر الجسدي والعقلي. الماء الدافئ يساعد في تهدئة العضلات المتوترة، مما يتيح لك الاسترخاء بشكل أفضل. كما أن هذا الحمام يساعد في خفض درجة حرارة الجسم بعد الخروج منه، وهو عامل يساعد الجسم على التهيؤ للنوم بشكل أسرع وأكثر فعالية.
- تقليل التعرض للضوء الأزرق
الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والتلفاز تصدر ضوءًا أزرقًا يعوق إفراز هرمون الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم. هذا الضوء يؤثر على إيقاعك اليومي وقد يجعلك مستيقظًا لفترة أطول مما ينبغي. حاول تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة أو ساعتين على الأقل. إذا كان من الصعب الامتناع عن استخدامها، يمكنك تفعيل وضع “الضوء الليلي” أو استخدام نظارات تحجب الضوء الأزرق.
- اتباع روتين ثابت للنوم
العادات المسائية تلعب دوراً كبيراً في تحسين جودة النوم. ابدأ بتحديد وقت ثابت للذهاب إلى الفراش والاستيقاظ يومياً، حتى في عطلات نهاية الأسبوع. هذا يساهم في تنظيم الساعة البيولوجية الخاصة بك ويزيد من سهولة النوم. كما يمكنك تخصيص وقت محدد قبل النوم للأنشطة التي تساعدك على الاسترخاء، مثل قراءة كتاب أو ممارسة تمارين التنفس العميق.
- كتابة المذكرات للتخلص من الأفكار السلبية
في بعض الأحيان، تتراكم الأفكار والقلق في اللحظات التي تسبق النوم. يمكنك التخلص من هذه الأفكار عن طريق تدوينها في دفتر ملاحظات بجوار سريرك. هذه العادة تساعدك على إخراج ما يشغلك من ذهنك حتى تتمكن من التعامل معه لاحقاً، مما يمنحك شعوراً بالتحرر والهدوء الذي يسهل عليك الدخول في حالة استرخاء عميق.
بتطبيق هذه العادات وتخصيص وقت للراحة والاسترخاء في نهاية اليوم، يمكنك تخفيف التوتر والقلق والاستمتاع بنوم هادئ ومريح. استمر في تحسين روتينك الليلي واستمع لجسدك، ولا تتردد في استشارة مختص إذا كنت تعاني من مشاكل متكررة في النوم.
عادات يومية جيدة للوقاية من التوتر
للوقاية من التوتر قبل النوم، هناك عادات يومية يمكنك اتباعها خلال النهار تعمل على تحسين حالتك النفسية والجسدية بشكل عام، مما يساعدك على الاسترخاء ليلاً. هذه العادات تذهب أبعد من مجرد تقنيات الاسترخاء المسائية، إذ تساهم في بناء نمط حياة متوازن يدعم الاسترخاء الطبيعي للجسم والعقل.
1. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام

تُعد التمارين الرياضية أحد أقوى الوسائل للتخلص من التوتر على مدار اليوم. عند ممارسة الرياضة، يفرز الجسم هرمونات السعادة مثل الإندورفين، مما يقلل من مستويات القلق ويساعد على تحسين الحالة المزاجية. بالإضافة إلى ذلك، فإن النشاط البدني يعزز جودة النوم ويقلل من اضطرابات الأرق التي قد تتفاقم بسبب التوتر. يُنصح بممارسة الرياضة بانتظام خلال النهار، مع تجنب الأنشطة البدنية المكثفة قبل النوم، لأنها قد تسبب زيادة في النشاط وتؤثر سلباً على النوم.
2. الالتزام بجدول استيقاظ ثابت
أحد أهم العوامل التي تؤثر على جودة النوم والحد من التوتر هو الحفاظ على جدول نوم واستيقاظ منتظم. بغض النظر عن عطلات نهاية الأسبوع أو الأيام الخاصة، فإن الاستيقاظ في نفس الوقت يوميًا يساهم في تنظيم الساعة البيولوجية للجسم. عندما يكون للجسم روتين محدد، يصبح الدخول في النوم والخروج منه أكثر سلاسة، مما يقلل من القلق الذي يصاحب الأرق أو النوم غير المنتظم.
3. التغذية المتوازنة والشرب بكميات كافية
تناول الطعام الصحي والمتوازن خلال النهار يلعب دورًا كبيرًا في الحفاظ على توازن الجسم وتقليل التوتر. تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية مثل الفواكه والخضروات، والحد من تناول السكر والكافيين، يمكن أن يساعد على تنظيم مستويات الطاقة لديك وتحسين استقرار الحالة المزاجية. الكافيين، على وجه الخصوص، قد يزيد من الشعور بالتوتر إذا تم تناوله بكميات كبيرة أو في وقت متأخر من اليوم. احرص على شرب كميات كافية من الماء خلال النهار لتجنب الجفاف، الذي قد يفاقم من الشعور بالقلق والإجهاد.
4. تخصيص وقت للاسترخاء والراحة
بينما تعد ساعات النوم ليلاً أساسية للراحة، يجب عليك أيضًا تخصيص لحظات للاسترخاء خلال النهار. أخذ فترات قصيرة للاسترخاء والابتعاد عن التوتر خلال ساعات العمل أو المهام اليومية يمكن أن يخفف من تراكم التوتر. يمكن أن تكون هذه اللحظات مجرد بضع دقائق لممارسة التنفس العميق، أو المشي الهادئ في الطبيعة، أو حتى جلسة سريعة للتأمل.
5. الابتعاد عن مصادر التوتر غير الضرورية
حاول الابتعاد عن مسببات التوتر التي قد تكون قابلة للتحكم، مثل متابعة الأخبار السلبية باستمرار أو الانغماس في بيئة مليئة بالضغوط. قم بتحديد أوقات محددة خلال اليوم للتفاعل مع مصادر القلق، سواء كان ذلك في العمل أو في الحياة الشخصية، ثم اعمل على فصل نفسك عنها خلال الأوقات الأخرى. يمكنك تجربة تنظيم المهام والحد من التشتت، مما يساعد على تحسين الإنتاجية وتقليل الشعور بالإرهاق.
6. التخطيط المسبق لليوم التالي
واحدة من أكبر مصادر التوتر قبل النوم هي التفكير المفرط في مهام اليوم التالي. خصص وقتًا قبل النوم لوضع خطة بسيطة ليومك التالي، مثل كتابة قائمة بالمهام التي تحتاج لإنجازها. هذا الأمر يمنحك شعورًا بالسيطرة ويقلل من القلق بشأن الأعمال المتراكمة. بعد كتابة الخطة، اسمح لنفسك بالانفصال عن التفكير في المستقبل وركز على اللحظة الحالية.
7. الحفاظ على توازن في الحياة الاجتماعية
العلاقات الاجتماعية الصحية تلعب دورًا كبيرًا في الحد من التوتر. حاول قضاء وقت مع الأشخاص الذين يدعمونك ويقدمون لك الطاقة الإيجابية. التواصل مع الآخرين يمكن أن يساعدك على التخلص من مشاعر التوتر والقلق، بينما العزلة قد تزيد من حدة هذه المشاعر. ومع ذلك، تأكد من الحفاظ على توازن بين الحياة الاجتماعية ووقتك الخاص، لأن الإفراط في الالتزامات الاجتماعية قد يزيد من الإرهاق.
8. الصبر والمثابرة
من المهم أن تدرك أن التخلص من التوتر لا يحدث بين ليلة وضحاها. يتطلب الأمر وقتًا وممارسة مستمرة. قد لا تشعر بتحسن فوري، ولكن على المدى الطويل، ستجد أن العادات اليومية التي تمارسها تساهم في تحسين جودة نومك وتقليل مستويات التوتر بشكل ملحوظ.
عاداتك اليومية ليست مجرد تفاصيل صغيرة، بل هي مكونات رئيسية لبناء حياة متوازنة خالية من التوتر. ممارسة الرياضة بانتظام، الحفاظ على جدول نوم ثابت، تناول الطعام الصحي، والتعامل مع التوتر بوعي كلها عوامل تساعد في تخفيف القلق وتحسين نوعية حياتك. وإذا كنت بحاجة إلى توجيه أكثر تحديدًا حول كيفية تطبيق هذه العادات أو دمجها مع تقنيات أخرى، لا تتردد في استشارة طبيبك أو مختص في الصحة النفسية.
المراجع
- شواب، آر جيه (2020، يونيو). التعامل مع المريض الذي يعاني من اضطراب النوم أو اليقظة. النسخة الاحترافية من دليل ميرك.https://www.merckmanuals.com/professional/neurologic-disorders/sleep-and-wakeness-disorders/approach-to-the-patient-with-a-sleep-or-wakeness-disorder
- هيرينج، إم بي، كلاين، سي إي، وأوكونور، بي جيه (2015). تأثيرات التمارين الرياضية على النوم بين الشابات المصابات باضطراب القلق العام. الصحة العقلية والنشاط البدني، 9، 59-66.https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/26566400/